فصل: فصل لا تضم ثمرة العام الثاني إلى ثمرة العام الأول

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روضة الطالبين وعمدة المفتين **


 فصل لا تضم ثمرة العام الثاني إلى ثمرة العام الأول

في إكمال بلا خلاف وإن فرض إطلاع ثمرة العام الثاني قبل جداد ثمرة الأول ولو كانت له نخيل تحمل في العام الواحد مرتين لم يضم الثاني إلى الأول قال الأصحاب هذا لا يكاد يقع في النخل والكرم لأنهما لا يحملان في السنة حملين وإنما يقع ذلك في التين وغيره مما لا زكاة فيه ولكن ذكر الشافعي رحمه الله المسألة بيانا لحكمها لو تصورت ثم إن القاضي ابن كج فصل فقال إن أطلعت النخل الحمل الثاني بعد جداد الأول فلا يضم وإن أطلعت قبل جداده وبعد بدو الصلاح ففيه الخلاف الذي سنذكره إن شاء الله تعالى في حمل نخلتين وهذا الذي قاله لا يخالف إطلاق الجمهور عدم الضم لأن السابق إلى الفهم من الحمل الثاني هو الحادث بعد جداد الأول‏.‏

ولو كان له نجيل أو أعناب يختلف إدراك ثمارها في العام لاختلاف أنواعها أو بلادها فإن أطلع المتأخر قبل بدو صلاح الأول ضم إليه وإن أطلع بعد جداد الأول فوجهان قال ابن كج وأصحاب القفال لا يضم وقال أصحاب الشيخ أبي حامد يضم وفي ظاهر نص الشافعي ما يدل لهم‏.‏

قلت‏:‏ هذا هو الراجح ورجحه في المحرر والله أعلم‏.‏

وإن كان إطلاعه قبل جداد الأول وبعد بدو صلاحه فإن قلنا فيما بعد الجداد يضم فهنا أولى وإلا فوجهان أصحهما في التهذيب لا يضم وإذا قلنا بقول أصحاب القفال فهل يقام وقت الجداد مقام الجداد وجهان‏.‏

أوفقهما يقام فإن الثمار بعد وقت الجداد كالمجدودة ولهذا لو أطلعت النخلة للعام الثاني وعليها بعض ثمرة الأول لم يضم قطعا‏.‏

فعلى هذا قال إمام الحرمين لجداد الثمار أول وقت ونهاية يكون ترك الثمار إليها أولى وتلك النهاية هي المعتبرة‏.‏

فرع من مواضع اختلاف إدراك الثمر نجد وتهامة فتهامة حارة يسرع إدراك الثمرة بها بخلاف نجد فإذا كانت لرجل نخيل تهامية ونخيل نجدية فأطلعت التهامية ثم النجدية لذلك العام واقتضى الحال ضم النجدية إلى التهامية على ما سبق بيانه فضمها ثم أطلعت التهامية ثمرة أخرى فلا يضم ثمرة هذه المرة إلى النجدية‏.‏

وإن أطلعت قبل بدو صلاحها لأنا لو ضممناها إلى النجدية لزم ضمها إلى التهامية الأولى وذلك لا يجوز هكذا ذكره الأصحاب‏.‏

قال الصيدلاني وإمام الحرمين ولو لم تكن النجدية مضمومة إلى التهامية الأولى بأن أطلعت بعد جدادها ضممنا التهامية الثانية إلى النجدية لأنه لا يلزم المحذور الذي ذكرناه وهذا الذي قالاه قد لا يسلمه سائر الأصحاب لأنهم حكموا بضم ثمرة العام الواحد بعضها إلى بعض وبأنه لا تضم ثمرة عام إلى ثمرة عام آخر والتهامية الثانية حمل عام آخر‏.‏

 فصل لا يضم زرع عام إلى زرع عام آخر

في إكمال النصاب الزراعة لضرورة التدريج كالذي يبتدىء الزراعة ويستمر فيها شهرا أو شهرين لا يقدح بل يعد زرعا واحدا ويضم قطعا ثم الشىء قد يزرع في السنة مرارا كالذرة تزرع في الخريف والربيع والصيف ففي ضم بعضها إلى بعض عشرة أقوال أكثرها منصوصة وأرجحها عند الأكثرين إن وقع الحصادان في سنة واحدة ضم وإلا فلا‏.‏

الثاني إن وقع الزرعان في سنة ضم وإلا فلا ولا يؤثر اختلاف الحصاد واتفاقه والثالث إن وقع الزرعان والحصادان في سنة ضم وإلا فلا‏.‏

واجتماعهما في سنة أن يكون بين زرع الأول وحصد الثاني أقل من اثني عشر شهرا عربية والرابع إن وقع الزرعان والحصادان أو زرع الثاني وحصد الأول في سنة ضم وهذا بعيد عند الأصحاب‏.‏

والخامس الاعتبار بجميع السنة أحد الطرفين إما الزرعين وإما الحصادين‏.‏

والسادس إن وقع الحصادان في فصل واحد ضم وإلا فلا‏.‏

والسابع إن وقع الزرعان في فصل ضم وإلا فلا‏.‏

والثامن إن وقع الزرعان والحصادان في فصل واحد ضم وإلا فلا والمراد بالفصل أربعة أشهر

والتاسع أن المزروع بعد حصد الأول لا يضم كحملي الشجرة والعاشر خرجه أبو إسحق أن ما يعد زرع سنة يضم ولا أثر لاختلاف الزرع والحصاد‏.‏

قال ولا أعني بالسنة اثني عشر شهرا فان الزرع لا يبقى هذه المدة وإنما أعني بها ستة أشهر إلى ثمانية هذا كله إذا كان زرع الثاني بعد حصد الأول فلو كان زرع الثاني بعد اشتداد حب الأول فطريقان أصحهما أنه على هذا الخلاف والثاني القطع بالضم لاجتماعهما في الحصول في الأرض‏.‏

ولو وقع الزرعان معا أو على التواصل المعتاد ثم أدرك أحدهما والثاني بقل لم ينعقد حبه فطريقان أصحهما القطع بالضم والثاني على الخلاف لاختلافهما في وقت الوجوب بخلاف ما لو تأخر بدو الصلاح في بعض الثمار فإنه يضم إلى ما بدا فيه الصلاح قطعا لأن الثمرة الحاصلة هي متعلق الزكاة بعينها والمنتظر فيها صفة الثمرة وهنا متعلق الزكاة الحب ولم يخلق بعد والموجود حشيش محض‏.‏

فرع قال الشافعي رضي الله عنه الذرة تزرع مرة فتخرج فتحصد ثم في بعض المواضع فتحصد أخرى فهو زرع واحد وإن تأخرت حصدته الأخرى واختلف أصحابنا في مراده على ثلاثة أوجه أحدها مراده إذا سنبلت واشتدت فانتثر بعض حباتها بنفسها أو بنقر العصافير أو بهبوب الرياح فنبتت الحبات المنتثرة في تلك السنة مرة أخرى وأدركت والثاني مراده إذا نبتت والتقت وعلا بعض طاقاتها فغطى البعض وبقي المغطى مخضرا تحت العالي فإذا حصد العالي أثرت الشمس في المخضر فأدرك والثالث مراده الذرة الهندية تحصد سنابلها وتبقى سوقها فتخرج سنابل أخر‏.‏

ثم اختلفوا في الصور الثلاث بحسب اختلافهم في المراد بالنص واتفق الجمهور على أن ما نص قطع منه بالضم وليس تفريعا على بعض الأقوال السابقة في الفرع‏:‏ الماضي فذكروا في الصورة أحدهما القطع بالضم والثاني أنه على الأقوال في الزرعين المختلفين في الوقت ومقتضى كلام الغزالي والبغوي ترجيح هذا وفي الصورة الثانية أيضا طريقان أصحهما القطع بالضم والثاني على الخلاف‏.‏

وفي الثالث طرق أصحها القطع بالضم والثاني القطع بعدم الضم والثالث على الخلاف د

 فصل يجب فيما سقي بماء السماء من الثمار والزروع العشر

وكذا البقل وهو الذي يشرب بعروقه لقربه من الماء وكذا ما يشرب من ماء ينصب إليه من جبل أو نهر أو عين كبيرة ففي هذا كله العشر وما سقي بالنضح أو الدلاء أو الدواليب ففيه نصف العشر وكذا ما سقي بالدالية وهي المنجنون يديرها البقر وما سقي بالناعور وهو ما يديره الماء بنفسه‏.‏

وأما القنوات والسواقي المحفورة من النهر العظيم ففيها العشر كماء السماء هذا هو المذهب المشهور الذي قطع به طوائف الأصحاب من العراقيين وغيرهم وادعى إمام الحرمين اتفاق الأئمة عليه لأن مؤنة القنوات إنما تتحمل لاصلاح الضيعة والأنهار تشق لإحياء الأرض وإذا تهيأت وصل الماء إلى الزرع بنفسه مرة بعد أخرى بخلاف النواضح ونحوها فمؤنتها فيها لنفس الزرع ولنا وجه أفتى به أبو سهل الصعلوكي أنه يجب نصف الشعر في السقي بماء القناة وقال صاحب التهذيب إن كانت القناة أو العين كثيرة المؤنة بأن لا تزال تنهار وتحتاج إلى إحداث حفر وجب نصف العشر‏.‏

وإن لم يكن لها مؤنة أكثر من مؤنة الحفر الأول وكسحها في بعض الأوقات فالعشر والمذهب ما قدمناه‏.‏

فرع قال القاضي ابن كج لو اشترى الماء كان الواجب نصف العشر لو سقاه بماء مغصوب لأن عليه ضمانه وهذا حسن جار على كل مأخذ فإنه لا يتعلق بصلاح الضيعة بخلاف القناة ثم حكى ابن كج عن ابن القطان وجهين فيما لو وهب له الماء ورجح إلحاقه بالمغصوب للمنة العظيمة وكما لو علف ماشيته بعلف موهوب‏.‏

قلت‏:‏ الوجهان إذا قلنا لا تقتضي الهبة ثوابا صرح به الدارمي قال فإن قلنا تقتضيه فنصف العشر قطعا والله أعلم‏.‏

فرع إذا اجتمع في الزرع الواحد السقي بماء السماء والنضح فله حالان أحدهما أن يزرع عازما على السقي بهما ففيه قولان أظهرهما يقسط الواجب عليهما فإن كان ثلثا السقي بماء السماء والثلث بالنضح وجب خمسة أسداس العشر‏.‏

ولو سقي على التساوي وجب ثلاثة أرباع العشر والثاني الاعتبار بالأغلب فإن كان ماء السماء أغلب وجب العشر وإن غلب النضح فنصف العشر فإن استويا فوجهان أصحهما يقسط كالقول الأول وبهذا قطع الأكثرون والثاني يجب العشر نظرا للمساكين‏.‏

ثم سواء قسطنا أو اعتبرنا الأغلب فالنظر إلى ماذا وجهان أحدهما النظر إلى عدد السقيات والمراد السقيات النافعة دون ما لا ينفع والثاني وهو أوفق لظاهر النص الاعتبار بعيش الزرع أو الثمر ونمائه وعبر بعضهم عن هذا الثاني بالنظر إلى النفع وقد تكون السقية الواحدة أنفع من سقيات كثيرة‏.‏

قال إمام الحرمين والعبارتان متقاربتان إلا أن صاحب الثانية لا ينظر إلى المدة بل يعتبر النفع الذي يحكم به أهل الخبرة وصاحب الأولى يعتبر المدة‏.‏

واعلم أن اظتبار المدة هو الذي قطع به الأكثرون تفريعا على الوجه الثاني وذكروا في المثال أنه لو كانت المدة من يوم الزرع إلى يوم الإدراك ثمانية أشهر واحتاج في ستة أشهر زمن الشتاء والربيع إلى سقيتين فسقى بماء السماء وفي شهرين من الصيف إلى ثلاث سقيات فسقى بالنضح فإن اعتبرنا عدد السقيات فعلى قول التوزيع يجب خمسا العشر وثلاثة أخماس نصف العشر وعلى اعتبار الأغلب يجب نصف العشر وإن اعتبرنا المدة فعلى قول التوزيع يجب ثلاثة أرباع العشر وربع نصف العشر وعلى اعتبار الأغلب يجب العشر‏.‏

ولو سقي بماء السماء والنضح جميعا وجهل المقدار وجب ثلاثة أرباع العشر على الصحيح الذي قطع به الجمهور وحكى ابن كج وجها أنه يجب نصف العشر لأن الأصل براءة الذمة مما زاد‏.‏

الحال الثاني أن يزرع ناويا السقي بأحدهما ثم يقع الآخر فهل يستصحب حكم ما نواه أولا أم يتغير الحكم وجهان أصحهما الثاني ثم في كيفية اعتبارهما الخلاف المتقدم‏.‏

فرع لو اختلف المالك والساعي في أنه بماذا سقى فالقول قول المالك لأن الأصل عدم وجوب الزيادة‏.‏

فرع لو سقى زرعا بماء السماء وآخر بالنضح ولم يبلغ واحد منهما ضم أحدهما إلى الآخر لتمام

 فصل إذا كان الذي يملكه من الحبوب والثمار نوعا واحدا

أخذت منه الزكاة فإن أخرج أعلى منه أخزأه ودونه لا يجوز‏.‏

وإن اختلفت أنواعه فإن لم يتعسر أخذ الواجب من كل نوع بالحصة أخذ بالحصة بخلاف نظيره في المواشي فقد قدمنا فيه خلافا لأن التشقيص محذور في الحيوان دون الثمار وطرد ابن كج القولين هنا والمذهب الفرق‏.‏

فإن عسر أخذ الواجب من كل نوع بأن كثرت وقل ثمرها ففيه أوجه الصحيح أنه يخرج من الوسط رعاية للجانبين والثاني يؤخذ من كل نوع بقسطه والثالث من الغالب وقيل يؤخذ الوسط قطعا‏.‏

وإذا قلنا بالوسط فتكلف وأخرج من كل نوع بقسطه جاز ووجب على الساعي قبوله‏.‏

فرع إذا حضر الساعي لأخذ العشر كيل لرب تسعة وأخذ الساعي العاشر وإنما بدأ بالمالك لأن حقه أكثر وبه يعرف حق المساكين فإن كان الواجب نصف العشر كيل لرب المال تسعة عشر ثم للساعي واحد وإن كان ثلاثة أرباع العشر كيل للمالك سبعة وثلاثون وللساعي ثلاثة ولا يهز المكيال ولا يزلزل ولا توضع اليد فوقه ولا يمسح لأن ذلك يختلف بل يصب فيه ما يحتمله ثم يفرغ‏.‏

 فصل وقت وجوب زكاة النخل والعنب

الزهو وهو بدو الصلاح ووقت الوجوب في الحبوب اشتدادها هذا هو المذهب والمشهور وحكي قول أن وقت الوجوب الجفاف والتصفية ولا يتقدم الوجوب على الأمر بالأداء وقول قديم أن الزكاة تجب عند فعل الحصاد‏.‏

ثم الكلام في معنى بدو الصلاح وأن بدو الصلاح في البعض كبدوه في الجميع على ما هو مذكور في كتاب البيع‏.‏

ولا يشترط تمام اشتداد الحب كما لا يشترط تمام الصلاح في الثمار ويتفرع‏:‏ على المذهب أنه لو اشترى نخيلا مثمرة أو ورثها قبل بدو الصلاح ثم بدا فعليه الزكاة‏.‏

ولو اشترى بشرط الخيار فبدا الصلاح في زمن الخيار فإن قلنا الملك للبائع فعليه الزكاة وإن تم البيع وإن قلنا للمشتري فعليه الزكاة وإن فسخ وإن قلنا موقوف فالزكاة موقوفة ولو باع المسلم فلو عاد إلى ملك المسلم بعد بدو الصلاح ببيع مستأنف أو بهبة أو تقايل أو رد بعيب فلا زكاة عليه لأنه لم يكن في ملكه حال الوجوب‏.‏

ولو باع النخيل لمسلم قبل بدو الصلاح فبدا في ملك المشتري ثم وجد بها عيبا فليس له الرد إلا برضى البائع لتعلق الزكاة بها وهو كعيب حدث في يده فإن أخرج المشتري الزكاة من نفس الثمرة أو من غيرها فحكمه على ما ذكرنا في الشرط الرابع من زكاة النعم أما إذا باع الثمرة وحدها قبل بدو الصلاح فلا يصح البيع إلا بشرط القطع فإن شرطه ولم يتفق القطع حتى بدا الصلاح فقد وجب العشر‏.‏

ثم ينظر فإن رضيا بإبقائها إلى أوان الجداد جاز والعشر على المشتري وحكي قول أنه ينفسخ البيع كما لو اتفقا على الابقاء عند البيع والمشهور الأول‏.‏

وإن لم يرضيا بالابقاء لم تقطع الثمرة لأن فيه إضرارا بالمساكين ثم فيه قولان‏.‏

أحدهما ينفسخ البيع لتعذر إمضائه وأظهرهما لا ينفسخ لكن إن لم يرض البائع بالإبقاء يفسخ وإن رضي به وأبى المشتري إلا القطع فوجهان‏.‏

أحدهما يفسخ وأصحهما لا يفسخ ولو رضي البائع ثم رجع كان له ذلك لأن رضاه إعارة وحيث قلنا يفسخ البيع ففسخ فعلى من تجب الزكاة قولان‏.‏

أحدهما على البائع وأظهرهما على المشتري كما لو فسخ بعيب فعلى هذا لو أخذ الساعي من عين الثمرة رجع البائع على المشتري‏.‏

فرع إذا قلنا بالمذهب إن بدو الصلاح واشتداد الحب وقت الوجوب لم يكلف الإخراج في ذلك الوقت لكن ينعقد سببا لوجوب الإخراج إذا صار تمرا أو زبيبا أو حبا مصفى وصار للفقراء في الحال حق يدفع إليهم إجزاء فلو أخرج الرطب في الحال لم يجز فلو أخذ الساعي الرطب لم يقع الموقع ووجب رده إن كان باقيا وإن تلف فوجهان‏.‏

الصحيح الذي قطع به الأكثرون ونص عليه الشافعي رحمة الله عليه أنه يرد قيمته والثاني يرد مثله‏.‏

والخلاف مبني على أن الرطب والعنب مثليان أم لا ولو جف عند الساعي فإن كان قدر الزكاة أجزأ وإلا رد التفاوت أو أخذه كذا قاله العراقيون والأولى وجه آخر ذكره ابن كج أنه لا يجزىء بحال لفساد القبض من أصله ومؤونة تجفيف الثمر وجداده وحصاد الحب وتصفيته تكون من خلاص مال المالك لا يحسب شيء منها من مال الزكاة وجميع ما ذكرنا هو في الرطب الذي

 فصل خرص الرطب والعنب

اللذين تجب فيهما الزكاة مستحب ولنا وجه شاذ حكاه صاحب البيان عن حكاية الصيمري أنه واجب ولا يدخل الخرص في الزرع‏.‏

ووقت خرص الثمرة بدو الصلاح وصفته أن يطوف بالنخلة ويرى جميع عناقيدها ويقول خرصها كذا رطبا ويجيء منه من التمر كذا ثم يفعل بالنخلة الأخرى كذلك وكذا باقي الحديقة ولا يقتصر على رؤية البعض وقياس الباقي لأنها تتفاوت وإنما تخرص رطبا ثم تمرا لأن الأرطاب تتفاوت فإن اتحد النوع جاز أن يخرص الجميع رطبا ثم تمرا ثم المذهب الصحيح المشهور أنه يخرص جميع النخل وحكي قول قديم أنه يترك للمالك نخلة أو نخلات يأكلها أهله ويختلف ذلك باختلاف حال الرجل في كثرة عياله وقلتهم‏.‏

قلت‏:‏ هذا القديم نص عليه أيضا في البويطي ونقله البيهقي عن نصه في البويطي والبيوع والقديم والله أعلم‏.‏

فرع هل يكفي خارص أم لا بد من خارصين فيه طريقان أحدهما القطع بخارص وبه قال ابن سريج والأصطخري وأصحهما على ثلاثة أقوال أظهرها واحد والثاني لا بد من اثنتين والجالث إن خرص على صبي أو مجنون أو غائب فلا بد من اثنين وإلا كفى واحد وسواء اكتفينا بواحد أم اشترطنا اثنين فشرط الخارص كونه مسلما عدلا عالما بالخرص‏.‏

وأما اعتبار الذكورة والحرية فقال صاحب العدة إن اكتفينا بواحد اعتبرا وإلا جاز عبد وامرأة وذكر الشاشي في اعتبار الذكورة وجهين مطلقا‏.‏

ولك أن تقول إن اكتفينا بواحد فسبيله سبيل الحكم فتشترط الحرية والذكورة وإن اعتبرنا اثنين فسبيله سبيل الشهادات فينبغي أن تشترط الحرية وأن تشترط الذكورة في أحدهما وتقام امرأتان مقام الآخر‏.‏

قلت‏:‏ الأصح اشتراط الحرية والذكورة وصححه في المحرر ولو اختلف الخارصان توقفنا حتى يتبين المقدار منهما أو من غيرهما قاله الدارمي وهو ظاهر والله أعلم‏.‏

فرع هل الخرص عبرة أو تضمين قولان أظهرهما تضمين ومعناه ينقطع حق المساكين من عين الثمرة وينتقل إلى ذمة المالك‏.‏

وفائدته على هذا جواز التصرف كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى ومن فوائده أيضا لو أتلف المالك الثمار أخذت منه الزكاة بحساب ما خرص ولولا الخرص لكان القول قوله في ذلك فإذا قلنا عبرة فضمن الخارص للمالك حق المساكين تضمينا صريحا وقبله المالك كان لغوا ويبقى حقهم على ما كان‏.‏

وإذا قلنا تضمين فهل نفس الخرص تضمين أم لا بد من تصريح الخارص بذلك فيه طريقان أحدهما على وجهين أحدهما نفسه تضمين والثاني لا بد من التصريح قال إمام الحرمين وعلى هذا فالذي أراه أنه يكفي تضمين الخارص ولا يحتاج إلى قبول المالك‏.‏

والطريق الثاني وهو المذهب الذي عليه الاعتماد وقطع به الجمهور أنه لا بد من التصريح بالتضمين وقبول المالك فإن لم يضمنه أو ضمنه فلم يقبل المالك بقي حق المساكين على ما كان وهل يقوم وقت الخرص مقام الخرص إن قلنا لا بد من التصريح بالتضمين لم يقم وإلا فوجهان

قلت‏:‏ الأصح لا يقوم والله أعلم‏.‏

فرع إذا أصابت الثمار آفة سماوية أو سرقت في الشجرة أو في قبل الجفاف فإن تلف الجميع فلا شيء على المالك باتفاق الأصحاب لفوات الإمكان والمراد إذا لم يقصر فأما إذا أمكن الدفع فأخر أو وضعها في غير حرز فانه يضمن وإن تلف بعض الثمار فإن كان الباقي نصابا زكاه وإن كان قبل دونه بني على أن الإمكان شرط في الوجوب أو للضمان‏.‏

فإن قلنا بالأول فلا شيء وإلا زكى الباقي بحصته أما إذا أتلف المالك الثمرة أو أكلها فإن كان قبل بدو الصلاح فلا زكاة لكنه مكروه إن قصد الفرار منها وإن قصد الأكل أو التخفيف عن الشجرة أو غرضا آخر فلا كراهة وإن كان بعد الصلاح ضمن للمساكين‏.‏

ثم له حالان أحدهما أن يكون ذلك بعد الخرص فإن قلنا الخرص تضمين ضمن لهم عشر الثمن لأنه ثبت في ذمته بالخرص وإن قلنا عبرة فهل يضمن عشر الرطب أو قيمة عشره فيه وجهان بناء على أنه مثلي أم لا والصحيح الذي قطع به الأكثرون عشر القيمة‏.‏

الحال الثاني أن يكون الإتلاف قبل الخرص فيعزر والواجب ضمان الرطب إن قلنا لو جرى الخرص لكان عبرة وإن قلنا تضمين فوجهان‏.‏

أصحهما ضمان الرطب والثاني التمر ولنا وجه أنه يضمن في هذه الحال أكثر الأمرين من عشر الثمن وقيمة عشر الرطب والحالان مفروضان في رطب يجيء منه تمر وعنب يجيء منه زبيب فإن لم يكن كذلك فالواجب في الحالين ضمان الرطب بلا خلاف‏.‏

تصرف المالك فيما خرص عليه بالبيع والأكل وغيرهما مبني على فإن قلنا بالتضمين تصرف في الجميع وإن قلنا بالعبرة فنفوذ تصرفه في قدر الزكاة يبنى على أن الخلاف في أن الزكاة تتعلق بالعين أو بالذمة وقد سبق‏.‏

وأما ما زاد على قدر الزكاة فنقل إمام الحرمين والغزالي أن الأصحاب قطعوا بنفوذه ولكن الموجود في كتب العراقيين أنه لا يجوز البيع ولا سائر التصرفات في شيء من الثمار إذا لم يصر الثمن في ذمته بالخرص‏.‏

فإن أرادوا نفي الإباحة دون الفساد فذاك وإلا فدعوى القطع غير مسلمة وكيف كان فالمذهب جواز التصرف في الأعشار التسعة سواء أفردت بالتصرف أو تصرف في الجميع لأنا وإن قلنا بالفساد في قدر الزكاة فلا يعديه إلى الباقي على المذهب‏.‏

أما إذا تصرف المالك قبل الخرص فقال في التهذيب لا يجوز أن يأكل ولا يتصرف في شيء فإن لم يبعث الحاكم خارصا أو لم يكن حاكم يحاكم إلى عدلين يخرصان عليه‏.‏

فرع إذا ادعى المالك هلاك الثمار المخروصة عليه أو بعضها نظر إن أسنده إلى سبب يكذبه الحس كقوله هلك بحريق وقع في الجرين وعلمنا أنه لم يقع في الجرين حريق لم نبال بكلامه وإن أسنده إلى سبب خفي كالسرقة لم يكلف بينة ويقبل قوله بيمينه‏.‏

وهل يمينه واجبة أم مستحبة وجهان أصحهما مستحبة وإن أسنده إلى سبب ظاهر كالبرد والنهب والجراد ونزول العكسر فإن عرف وقوع ذلك السبب وعموم أثره صدق بلا يمين فإن اتهم في هلاك ثماره به حلف وإن لم يعرف وقوع فالصحيح وبه قال الجمهور يطالب بالبينة لإمكانها‏.‏

ثم القول قوله في الهلاك به والثاني القول قوله بيمينه والثالث يقبل بلا يمين إذا كان ثقة وحيث حلفناه فاليمين مستحبة لا واجبة على الأصح كما سبق‏.‏

أما إذا اقتصر على دعوى الهلاك من غير تعرض لسبب فالمفهوم من كلام الأصحاب قبوله مع اليمين‏.‏

فرع إذا ادعى المالك إجحافا في الخرص فإن زعم أن الخارص تعمد لم يلتفت إليه كما لو ادعى ميل الحاكم أو كذب الشاهد لا يقبل إلا ببينة وإن ادعى أنه غلط فإن لم يبين القدر لم تسمع وإن بينه هذا إذا كان المدعى فوق ما يقع بين الكيلين وأما إذا بعد الكيل غلطا يسيرا في الخرص بقدر ما يقع في الكيلين فهل يحط وجهان‏.‏

أحدهما لا لاحتمال أن النقص وقع في الكيل ولو كيل ثانيا وفى والثاني يحط لأن الكيل يقين والخرص تخمين فالإحالة عليه أولى‏.‏

قلت‏:‏ هذا أقوى وصحح إمام الحرمين الأول والله أعلم‏.‏

وإن ادعى نقصا فاحشا لا يجوز أهل الخبرة الغلط بمثله لم يقبل في حط جميعه وهل يقبل في حط الممكن وجهان‏.‏

أصحهما يقبل كما لو ادعت معتدة بالأقراء انقضاءها قبل زمن الإمكان وكذبناها وأصرت على الدعوى حتى جاء زمن الإمكان فإنا نحكم بانقضائها لأول زمن الإمكان‏.‏

 فصل إذا أصاب النخل عطش

ولو تركت الثمار عليها إلى أوان الجداد لأضرت بها جاز قطع ما يندفع به الضرر إما كلها وإما بعضها‏.‏

وهل يستقل المالك بقطعها أم يحتاج إلى استئذان الإمام أو الساعي قال الصيدلاني وصاحب التهذيب وطائفة يستحب الاستئذان وقال آخرون ليس له قلت‏:‏ هذا أصح وبه قطع العراقيون والسرخسي والله أعلم‏.‏

فأما إذا علم الساعي قبل القطع وأراد القسمة بأن يخرص الثمار ويعين حق المساكين في نخلة أو نخلات بأعيانها فقولان منصوصان قال الأصحاب هما بناء على أن القسمة بيع أو إفراز حق‏.‏

فان قلنا إفراز جاز ثم للساعي أن يبيع نصوب المساكين للمالك أو غيره وأن يقطع ويفرقه بينهم يفعل ما فيه الحظ لهم وإن قلنا إنها بيع لم يجز وعلى هذا الخلاف تخرج القسمة بعد قطعها‏.‏

إن قلنا إفراز جازت وإلا ففي جوازها خلاف مبني على جواز بيع الرطب الذي لا يتتمر بمثله فإن جوزناه جازت القسمة بالكيل وإلا فوجهان أحدهما تجوز مقاسمة الساعي لأنها ليست بمعاوضة فلا يراعى فيها تعبدات الربا ولأن الحاجة داعية إليها وأصحهما عند الأكثرين لا تجوز‏.‏

فعلى هذا له في الأخذ مسلكان أحدهما يأخذ قيمة عشر الرطب المقطوع وجوز بعضهم القيمة للضرورة كما قدمناه في شقص الحيوان والثاني يسلم عشرا مشاعا إلى الساعي ليتعين حق المساكين وطريق تسليم العشر تسليم الجميع‏.‏

فإذا سلمه فللساعي بيع نصيب المساكين للمالك أو غيره أو يبيع هو والمالك ويقسمان الثمن وهذا المسلك جائز بلا خلاف وهو متعين عند من لم يجوز القسمة وأخذ القيمة وخير بعض الأصحاب الساعي بين القسمة وأخذ القيمة وقال كل واحد منهما خلاف القاعدة واحتمل ثم ما ذكرناه هنا من الخلاف والتفصيل في إخراج الواجب يجري بعينه في إخراج الواجب عن الرطب الذي لا يتتمر والعنب الذي لا يتزبب وفي المسألتين مستدرك حسن لإمام الحرمين‏.‏

قال إنما يثور الإشكال على قولنا المساكين شركاء في النصاب بقدر الزكاة وحينئذ ينتظم التخريج على القولين في القسمة‏.‏

فأما إذا لم نجعلهم شركاء فليس تسليم جزء إلى الساعي قسمة حتى يأتي فيه القولان في القسمة بل هو توفية حق إلى مستحق‏.‏

قلت‏:‏ لو اختلف الساعي والمالك في جنس التمر بعد تلفه تلفا مضمنا فالقول قول المالك فإن أقام الساعي شاهدين أو شاهدا وامرأتين قضي له وإن أقام شاهدا فلا لأنه لا يحلف معه قاله الدارمي وإذا خرص عليه فتلف بعضه تلفا يسقط الزكاة وأكل بعضه وبقي بعضه ولم يعرف الساعي ما تلف فإن عرف المالك ما أكل زكاه مع ما بقي فإن اتهمه حلفه استحبابا على الأصح ووجوبا على الآخر وإن قال لا أعرف قدر ما أكلته ولا ما تلف قال الدارمي قلنا له إن ذكرت قدرا ألزمناك بما أقررت به فإن اتهمناك حلفناك وإن ذكرت مجملا أخذنا الزكاة بخرصنا‏.‏

قال أصحابنا ولو خرص فأقر المالك بأنه زاد على المخروص أخذنا الزكاة من الزيادة سواء كان ضمن أم لا والله أعلم‏.‏

لا زكاة فيهما فيما دون النصاب ونصاب الفضة مائتا درهم والذهب عشرون مثقالا وزكاتهما ربع العشر ويجب فيما زاد على النصاب منهما بحسابه قل أم كثر وسواء فيهما المضروب والتبر وغيره والاعتبار بوزن مكة‏.‏

فأما المثقال فمعروف ولم يختلف قدره في الجاهلية ولا في الإسلام وأما الفضة فالمراد دراهم الإسلام وزن الدرهم ستة دوانيق وكل عشرة دراهم سبعة مثاقيل ذهب‏.‏

وقد أجمع أهل العصر الأول على هذا التقدير قيل كان في زمن بني أمية وقيل كان في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه‏.‏

ولو نقص عن النصاب حبة أو بعض حبة فلا زكاة وإن راج رواج التام أو زاد على التام بجودة نوعه ولو نقص في بعض الموازين وتم في بعضها فوجهان‏.‏

الصحيح أنه لا زكاة وبه قطع المحاملي وغيره‏.‏

ويشترط ملك النصاب بتمامه حولا كاملا ولا يكمل نصاب أحد النقدين بالآخر كما لا يكمل التمر بالزبيب ويكمل الجيد بالردىء من الجنس الواحد كأنواع الماشية والمراد بالجودة النعومة والصبر على الضرب ونحوهما‏.‏

وبالرداءة الخشونة والتفتت عند الضرب وأما إخراج زكاة الجيد والردىء فإن لم تكثر أنواعه أخرج من كل بقسطه وإن كثرت وشق اعتبار الجميع أخرج من الوسط ولو أخرج الجيد عن الردىء فهو أفضل وإن أخرج الردىء عن الجيد لم يجزئه على الصحيح الذي قطع به الأصحاب‏.‏

وقال الصيدلاني يجزئه وهو غلط ويجوز إخراج الصحيح عن المكسر ولا يجوز عكسه بل يجمع المستحقين ويصرف إليهم الدينار الصحيح بأن يسلمه إلى واحد بإذن الباقين هذا هو الصحيح المعروف‏.‏

وحكي وجه أنه يجوز أن يصرف إلى كل واحد حصته مكسرا ووجه أنه يجوز ذلك لكن مع التفاوت بين الصحيح والمكسر‏.‏

ووجه أنه يجوز إذا لم يكن بين الصحيح والمكسر فرق في المعاملة‏.‏

فرع إذا كان له دراهم أو دنانير مغشوشة فلا زكاة فيها حتى خالصها نصابا فإذا بلغه أخرج الواجب خالصا أو أخرج من المغشوش ما يعلم اشتماله على خالص بقدر الواجب ولو أخرج عن ألف مغشوشة خمسة وعشرين خالصة أجزأه وقد تطوع بالفضل ولو أخرج خمسة مغشوشة عن مائتين خالصة لم تجزئه‏.‏

وهل له الاسترجاع حكوا عن ابن سريج فيه قولين أحدهما لا كما لو اعتق رقبة عن كفارة معيبة يكون متطوعا بها وأظهرهما نعم كما لو عجل الزكاة فتلف ماله‏.‏

قال ابن الصباغ وهذا إذا كان قد بين عند الدفع أنه يخرج عن هذا المال‏.‏

فرع يكره للإمام ضرب الدراهم المغشوشة ويكره للرعية ضرب الدراهم وإن كانت خالصة لأنه من ثم الدراهم المغشوشة إن معلومة العيار صحت المعاملة بها على عينها الحاضرة وفي الذمة‏.‏

وإن كان مقدار النقرة فيها مجهولا ففي جواز المعاملة على عينها وجهان أصحهما الجواز لأن المقصود رواجها ولا يضر اختلاطها بالنحاس كالمعجونات والثاني لا يجوز كتراب المعدن فإن قلنا بالأصح فباع بدراهم مطلقا ونقد البلد مغشوش صح العقد ووجب من ذلك النقد وإن قلنا بالثاني لم يصح العقد‏.‏

فرع لو كان له إناء من ذهب وفضة وزنه ألف من أحدهما الآخر أربعمائة ولا يعرف أيهما الأكثر فإن احتاط فزكى ستمائة ذهبا وستمائة فضة أجزأه فإن لم يحتط ميزهما بالنار قال الأئمة ويقوم مقامه الامتحان بالماء بأن يوضع قدر المخلوط من الذهب الخالص في ماء ويعلم على الموضع الذي يرتفع إليه الماء ثم يخرج ويوضع مثله من الفضة الخالصة ويعلم على موضع الارتفاع وهذه العلامة تقع فوق الأولى لأن أجزاء الذهب أكثر اكتنازا ثم يوضع فيه المخلوط وينظر ارتفاع الماء به أهو إلى علامة الفضة أقرب أم إلى علامة الذهب ولو غلب على ظنه الأكثر منهما قال الشيخ أبو حامد ومن تابعه إن كان يخرج الزكاة بنفسه فله اعتماد ظنه وإن دفعها إلى الساعي لم يقبل ظنه بل يلزمه الاحتياط أو التمييز وقال إمام الحرمين الذي قطع به أئمتنا أنه لا يجوز اعتماد ظنه‏.‏

قال الإمام ويحتمل أن يجوز له الأخذ بما شاء من التقديرين لأن اشتغال ذمته بغير ذلك غير معلوم وجعل الغزالي في الوسيط هذا الاحتمال وجها‏.‏

فرع لو ملك مائة درهم في يده وله مائة مؤجلة على مليء يبني على أن المؤجل تجب فيه زكاة أم لا والمذهب وجوبها وإذا أوجبناها فالأصح أنه لا يجب الاخراج في الحال وسبق بيانه فإن قلنا لا زكاة في المؤجل فلا شيء عليه في مسألتنا لعدم النصاب وإن أوجبنا إخراج زكاة المؤجل في الحال زكى المائتين في الحال وإن أوجبناها ولم نوجب الإخراج في الحال فهل يلزمه إخراج حصة المائة التي في يده في الحال أم يتأخر إلى قبض المؤجلة فيه وجهان أصحهما يجب في الحال وهما بناء على أن الإمكان شرط للوجوب أو الضمان إن قلنا بالأول لم يلزمه لاحتمال أن لا يحصل المؤجل وإن قلنا بالثاني أخرج ومن كان في يده دون نصاب وتمامه مغصوب أو دين ولم نوجب فيهما زكاة ابتدأ الحول من حين يقبض ما يتم به النصاب‏.‏

 فصل لا زكاة فيما سوى الذهب والفضة

من الجواهر كالياقوت واللؤلؤ وغيرهما ولا في المسك والعنبر‏.‏

 فصل هل تجب الزكاة في الحلي المباح

قولان أظهرهما لا تجب كالعوامل من الإبل والبقر أما الجلي المحرم فتجب الزكاة فيه بالاجماع وهو نوعان محرم لعينه كالأواني والملاعق والمجامر من الذهب والفضة‏.‏

ومحرم بالقصد بأن يقصد الرجل بحلي النساء الذي يملكه كالسوار والخلخال أن يلبسه غلمانه أو قصدت المرأة بحلي الرجل كالسيف والمنطقة أن تلبسه هي أو تلبسه جواريها أو غيرهن من النساء أو أعد الرجل حلي الرجال لنسائه وجواريه أو أعدت المرأة حلي النساء لزوجها وغلمانها فكل ذلك حرام‏.‏

ولو اتخذ حليا ولم يقصد به استعمالا مباحا ولا محرما بل قصد كثرة فالمذهب وجوب الزكاة فيه وبه قطع الجمهور وقيل فيه خلاف‏.‏

وهل يجوز إلباس حلي الذهب الأطفال الذكور فيه ثلاثة أوجه كما ذكرنا في إلباسهم الحرير قلت‏:‏ الأصح المنصوص جوازه ما لم يبلغوا والله أعلم‏.‏

فرع إذا قلنا لا زكاة في الحلي فاتخذ حليا مباحا في عينه لم يقصد به استعمالا ولا كنزا أو اتخذه ليؤجره ممن له استعماله فلا زكاة على الأصح‏.‏

كما لو اتخذه ليعيره ولا اعتبار بالأجرة فأجرة الماشية العوامل‏.‏

فرع حكم القصد الطارىء بعد الصياغة في جميع ما ذكرنا حكم المقارن فلو اتخذه قاصدا استعمالا محرما ثم غير قصده إلى مباح بطل الحول فلو عاد القصد المحرم ابتدأ الحول وكذا لو قصد الاستعمال ثم قصد كنزا ابتدأ الحول وكذا نظائره‏.‏

فرع إذا قلنا لا زكاة في الحلي فانكسر فله أحوال أحدها أن ينكسر بحيث لا يمنع الاستعمال فلا تأثير لانكساره‏.‏

الثاني ينكسر بحيث يمنع الإستعمال ويحوج إلى سبك وصوغ فتجب الزكاة وأول الحول وقت الانكسار‏.‏

الثالث ينكسر بحيث يمنع الاستعمال لكن لا يحتاج إلى صوغ ويقبل الاصلاح بالإلحام فإن قصد جعله تبرا أو دراهم أو قصد كنزه انعقد الحول عليه من يوم الانكسار‏.‏

وإن قصد إصلاحه فوجهان أصحهما لا زكاة وإن تمادت عليه أحوال لدوام صورة الحلي وقصد الإصلاح وإن لم يقصد هذا ولا ذاك ففيه خلاف قيل وجهان وقيل قولان أرجحهما الوجوب‏.‏

 فصل فيما يحل ويحرم من الحلي

وإنما ذكرناها ها هنا ليعلم موضع بوجوب الزكاة وموضع القولين فالمذهب أصله التحريم في حق الرجال وعلى الإباحة للنساء ويستثنى من التحريم على الرجال موضعان أحدهما يجوز لمن قطع أنفه اتخاذ أنف من ذهب وإن تمكن من اتخاذه فضة وفي معنى الأنف السن والأنملة فيجوز اتخاذهما ذهبا وما جاز من الذهب فمن الفضة أولى ولا يجوز لمن قطعت يده أو أصبعه أن يتخذهما من ذهب ولا فضة‏.‏

قلت‏:‏ وفيه وجه أنه يجوز ذكره القاضي حسين وغيره والله أعلم‏.‏

الموضع الثاني هل يجوز للرجل تمويه الخاتم والسيف وغيرهما تمويها لا يحصل منه شيء فيه وجهان وقطع العراقيون بالتحريم وأما اتخاذ سن أو أسنان من ذهب للخاتم فقطع الأكثرون بتحريمه‏.‏

وقال إمام الحرمين لا يبعد تشبيهه بالضبة الصغيرة في الإناء وكل حلي حرمناه على الرجال حرمناه على الخنثى على المذهب وعليه زكاته على المذهب وقيل في وجوبها القولان في الحلي المباح وأشار في التتمة إلى أن له لبس حلي النساء والرجال لأنه كان له لبسها في الصغر فتبقى‏.‏

وأما الفضة فيجوز للرجال التختم بها وهل له لبس ما سوى الخاتم من حلي الفضة كالدملج والسوار والطوق قال الجمهور يحرم وقال صاحب التتمة والغزالي في فتاويه يجوز لأنه لم يثبت في ويجوز للرجل تحلية آلات الحرب بالفضة كالسيف والرمح وأطراف السهام والدرع والمنطقة والرانين والخف وغيرها لأنه يغيظ الكفار‏.‏

وفي تحلية السرج واللجام والثفر وجهان أصحهما التحريم ونص عليه الشافعي في رواية البويطي والربيع وموسى بن أبي جارود وأجروا هذا الخلاف في الركاب وبرة الناقة من الفضة

وقطع كثيرون من الأئمة بتحريم القلادة للدابة ولا يجوز تحلية شيء مما ذكرنا بالذهب قطعا ويحرم على النساء تحلية آلات الحرب بالفضة والذهب جميعا لأن استعمالهن ذلك تشبها بالرجال وليس لهن التشبه كذا قاله الجمهور واعترض عليهم صاحب المعتمد بأن آلات الحرب من غير تحلية إما أن يجوز لبسها واستعمالها للنساء أو لا والثاني باطل لأن كونه من ملابس الرجال إنما يقتضي الكراهة دون التحريم ألا ترى أنه قال في الأم ولا أكره للرجل لبس اللؤلؤ إلا للأدب وأنه من زي النساء لا للتحريم فلم يحرم زي النساء على الرجال وإنما كرهه وكذا عكسه ولأن المحاربة جائزة للنساء في الجملة وفي جوازها جواز لبس آلاتها وإذا جاز استعمالها غير محلاة جاز مع التحلية لأن التحلي لهن أجوز منه للرجال وهذا هو الحق إن شاء الله تعالى‏.‏

قلت‏:‏ الصواب أن تشبه النساء بالرجال وعكسه حرام للحديث الصحيح لعن الله المتشبهين بالنساء من الرجال والمتشبهات من النساء بالرجال وقد صرح الرافعي بتحريمه بعد هذا وأما نصه في الأم فليس مخالفا لهذا لأن مراده أنه من جنس زي النساء والله أعلم‏.‏

ويجوز للنساء لبس أنواع الحلي من الذهب والفضة كالطوق والخاتم والسوار والخلخال والتعاويذ‏.‏

وفي اتخاذهن النعال من الذهب والفضة وجهان أصحهما الجواز كسائر الملبوسات والثاني لا للإسراف‏.‏

وأما التاج فقالوا إن جرت عادة النساء بلبسه جاز وإلا فهو لباس عظماء الفرس فيحرم وكأن معنى هذا أنه يختلف بعادة أهل النواحي فحيث جرت عادة النساء بلبسه جاز وحيث لم تجر لا يجوز حذارا من التشبه بالرجال وفي الدراهم والدنانير التي تثقب وتجعل في القلادة وجهان أصحهما التحريم‏.‏

وفي لبس الثياب المنسوجة بالطهب أو الفضة وجهان أصحهما الجواز وذكر ابن عبدان أنه ليس لهن اتخاذ زر القميص والجبة والفرجية منهما ولعله جواب على الوجه الثاني ثم كل حلي أبيح للنساء فذلك إذا لم يكن فيه سرف فإن كان كخلخال وزنه مائتا دينار فوجهان الصحيح الذي قطع به معظم العراقيين التحريم ومثله إسراف الرجل في آلات الحرب ولو اتخذ خواتيم كثيرة أو المرأة خلاخل كثيرة ليلبس الواحد منهما بعد الواحد جاز على المذهب وقيل فيه الوجهان‏.‏

فرع جميع ما سبق هو فيما يتحلى به لبسا فأما الأواني من فيحرم على النساء والرجال جميعا استعمالها ويحرم اتخاذها أيضا على الأصح وقد سبق ذلك مع غيره في باب الأواني وفي تحلية سكاكين الخدمة وسكين المقلمة بالفضة للرجال وجهان‏.‏

أصحهما التحريم والمذهب تحريمها على النساء وفي تحلية المصحف بالفضة وجهان وقيل قولان أصحهما الجواز ونقل عن نصه في القديم والجديد وحرملة ونقل التحريم عن نصه في سير الواقدي‏.‏

وفي تحليته بالذهب أربعة أوجه أصحها عند الأكثرين إن كان المصحف لامرأة جاز وإن كان لرجل حرم والثاني يحرم مطلقا والثالث يحل مطلقا والرابع يجوز تحلية نفس المصحف دون غلافه المنفصل عنه وهو ضعيف وأما تحلية سائر الكتب فحرام بالاتفاق‏.‏

وأما تحلية الدواة والمعلمة والمقراض فحرام على الأصح وأشار الغزالي إلى طرد الخلاف في سائر وفي تحلية الكعبة والمساجد بالذهب والفضة وتعليق قناديلها فيها وجهان أصحهما التحريم فإنه لا ينقل عن السلف والثاني الجواز كما يجوز ستر الكعبة بالديباج وحكم الزكاة مبني على الوجهين لكن لو جعل المتخذ وقفا فلا زكاة بحال‏.‏

فرع إذا أوجبنا الزكاة في الحلي المباح فاختلف قيمته ووزنه بأن كان المحلاة للرجل فالاعتبار في الزكاة بقيمتها أو وزنها فيه وجهان أصحهما عند الجماهير بقيمتها فعلى هذا يتخير بين أن يخرج ربع عشر الحلي مشاعا ثم يبيعه الساعي ويفرق الثمن على المساكين وبين أن يخرج خمسة دراهم مصوغة قيمتها ستة ونصف ولا يجوز أن يكسره فيخرج خمسة مكسرة لأن فيه ضررا عليه وعلى المساكين‏.‏

ولو أخرج عنه عن الذهب ما يساوي سبعة ونصفا لم يجز عند الجمهور لامكان تسليم ربع العشر مشاعا وبيعه بالذهب وجوزه ابن سريج للحاجة ولو كان له إناء وزنه مائتان ويرغب فيه بثلاثمائة فإن جوزنا اتخاذه فحكمه ما سبق في الحلي وإن حرمنا فلا قيمة لصنعته شرعا فله إخراج خمسه من غيره وله كسره وإخراج خمسه منه وله إخراج ربع عشره مشاعا ولا يجوز وكل حلي لا يحل لأحد من الناس فحكم صنعته حكم صنعة الإناء ففي ضمانها على كاسرها وجهان‏.‏

وما يحل لبعض الناس فعلى كاسره ضمانه وما يكره من التحلي كالضبة الصغيرة على الإناء للزينة قال الأصحاب له حكم الحرام في وجوب الزكاة قطعا‏.‏

وقال صاحب التهذيب من عند نفسه الأولى أن يكون كالمباح‏.‏

قلت‏:‏ ولو وقف حليا على قوم يلبسونه أو ينتفعون بأجرته فلا زكاة فيه قطعا والله أعلم‏.‏

 باب زكاة التجارة

زكاة التجارة واجبة نص عليه في الجديد ونقل عن القديم ترديد قول فمنهم من قال له في القديم قولان ومنهم من لم يثبت خلاف الجديد‏.‏

ومال التجارة كل ما قصد الاتجار فيه عند اكتساب الملك بمعاوضة محضة وتفصيل هذه القيود أن مجرد نية التجارة لا تصير المال مال تجارة فلو كان له عرض قنية ملكه بشراء أو غيره فجعله للتجارة لم يصر على الصحيح الذي قطع به الجماهير وقال الكرابيسي من أصحابنا يصير‏.‏

وأما إذا اقترنت نية التجارة بالشراء فإن المشترى يصير مال تجارة ويدخل في الحول سواء وإذا ثبت حكم التجارة لا تحتاج كل معاملة إلى نية جديدة وفي معنى الشراء لو صالح عن دين له في ذمة إنسان على عرض بنية التجارة صار للتجارة سواء كان الدين قرضا أو ثمن مبيع أو ضمان متلف‏.‏

وكذلك الاتهاب بشرط الثواب إذا نوى به التجارة وأما الهبة المحضة والاحتطاب والاحتشاش والأصطياد والإرث فليس من أسباب التجارة ولا أثر لاقتران النية بها‏.‏

وكذا الرد بالعيب والاسترداد حتى لو باع عرض قنية بعرض قنية ثم وجد بما أخذه عيبا فرده واسترد الأول على قصد التجارة أو وجد صاحبه بما أخذ عيبا فرده فقصد المردود عليه بأخذ التجارة لم يصر مال تجارة‏.‏

ولو كان عنده ثوب قنية فاشترى به عبدا للتجارة ثم رد عليه الثوب بالعيب انقطع حول التجارة ولم يكن الثوب المردود مال تجارة بخلاف ما لو كان الثوب للتجارة أيضا فإنه يبقى حكم التجارة فيه‏.‏

وكذا لو تبايع تاجران ثم تقايلا يستمر حكم التجارة في المالين ولو كان عنده ثوب للتجارة فباعه بعبد للقنية فرد عليه الثوب بالعيب لم يعد إلى حكم التجارة لأن قصد القنية قطع حول التجارة‏.‏

والرد والاسترداد ليسا من التجارة كما لو قصد القنية بمال التجارة الذي عنده فانه يصير قنية ولو نوى بعد ذلك جعله للتجارة لا يؤثر حبى تقترن النية بتجارة جديدة ولو خالع وقصد بعوض الخلع التجارة أو زوج أمته أو نكحت الحرة ونويا التجارة في الصداق فوجهان أحدهما لا يكون مال تجارة لأنهما ليسا من عقود التجارات والمعاوضات المحضة وأصحهما ولم يذكر أكثر العراقيين سواه أنه يكون مال تجارة لأنها معاوضة تثبت فيها الشفعة وطردوا الوجهين في المال المصالح عليه عن الدم والذي أجر به نفسه أو ماله إذا نوى به التجارة وفيما إذا كان تصرفه في المنافع بأن كان يستأجر المستغلات ويؤجرها على قصد التجارة‏.‏

 فصل الحول معتبر في زكاة التجارة

بلا خلاف والنصاب معتبر أيضا بلا خلاف لكن في وقت اعتباره ثلاثة أوجه وعبر عنها إمام الحرمين والغزالي بأقوال والصحيح أنها أوجه‏.‏

الأول منها منصوص والآخران مخرجان فالأول الأصح أنه يعتبر في آخر الحول فقط والثاني يعتبر في أوله وآخره دون وسطه والثالث يعتبر في جميع الحول حتى لو نقصت قيمته عن النصاب في لحظة انقطع الحول فإن كمل بعد ذلك ابتدأ الحول من يومئذ‏.‏

فإذا قلنا بالأصح فاشترى عرضا للتجارة بشىء يسير انعقد الحول عليه ووجبت فيه الزكاة إذا بلغت قيمته نصابا آخر الحول وإذا احتملنا نقصان النصاب في غير آخر الحول فذلك في حق من تربص بسلعته حتى تم الحول وهي نصاب‏.‏

فأما لو باعها بسلعة أخرى في أثناء الحول فوجهان أحدهما ينقطع الحول ويبتدىء حول السلعة الأخرى من حين ملكها وأصحهما أن الحكم كما لو تربص بسلعته ولا أثر للمبادلة في أموال التجارة‏.‏

ولو باعها في أثناء الحول بنقد دون النصاب ثم اشترى به سلعة فتم الحول وقيمتها نصاب فوجهان قال الإمام والخلاف في هذه الصورة أمثل منه في الأولى لتحقق النقصان حسا ورأيت المتأخرين يميلون إلى انقطاع الحول‏.‏

ولو باعها بالدراهم والحال تقتضي التقويم بالدنانير فهو كبيع السلعة بالسلعة‏.‏

فرع لو تم الحول وقيمة سلعته دون النصاب فوجهان أصحهما يسقط حكم الحول الأول ويبتدىء حولا ثانيا والثاني لا ينقطع بل متى بلغت قيمته نصابا وجبت الزكاة ثم يبتدىء حولا ثانيا‏.‏

فرع في بيان ابتداء حول التجارة مال التجارة تارة يملكه بنقد وتارة بغيره فإن ملكه بنقد نظر إن كان نصابا بأن اشترى بعشرين دينارا أو بمائتي درهم فابتداء الحول من حين ملك ذلك النقد ويبنى حول التجارة عليه هذا إذا اشترى بعين النصاب أما إذا اشترى بنصاب في الذمة ثم نقده في ثمنه فينقطع حول النقد ويبتدىء حول التجارة من حين الشراء وإن كان النقد الذي هو رأس المال دون النصاب ابتدأ الحول من حين ملك عرض التجارة إذا قلنا لا يعتبر النصاب في أول الحول ولا خلاف أنه لا يحسب الحول قبل الشراء للتجارة لأن المشترى به لم يكن مال زكاة لنقصه‏.‏

أما إذا ملك بغير نقد فله حالان أحدهما أن يكون ذلك العرض مما لا زكاة فيه كالثياب والعبيد فابتداء الحول من حين ملك مال التجارة إن كان قيمة العرض نصابا أو كانت دونه وقلنا بالأصح إن النصاب لا يعتبر إلا في آخر الحول والثاني أن يكون مما تجب فيه الزكاة بأن ملكه بنصاب من السائمة فالصحيح الذي قطع به جماهير الأصحاب أن حول الماشية ينقطع ويبتدىء حول التجارة من حين ملك مال التجارة ولا يبني لاختلاف الزكاتين قدرا ووقتا وقال الأصطخري يبنى على حول السائمة كما لو ملك بنصاب من النقد‏.‏

ثم زكاة التجارة والنقد يبني حول كل واحد منهما على الأخرى فإذا باع مال تجارة بنقد بنية القنية بنى حول النقد على حول التجارة كما يبني التجارة على النقد‏.‏

ربح مال التجارة ضربان حاصل من غير نضوض المال وحاصل مع فالأول مضموم إلى الأصل في الحول كالنتاج قال إمام الحرمين حكى الأئمة القطع بذلك لكن من يعتبر النصاب في جميع الحول قد لا يسلم وجوب الزكاة في الربح في آخر الحول ومقتضاه أن يقول عهور الربح في أثنائه كنضوضه وسيأتي الخلاف في الضرب الثاني إن شاء الله تعالى‏.‏

قال الإمام وهذا لا بد منه والمذهب الصحيح ما سبق فعلى المذهب لو اشترى عرضا بمائتي دطهم فصارت قيمته في أثناء الحول ثلاثمائة زكى ثلاثمائة في آخر الحول وإن كان ارتفاع القيمة قبل آخر الحول بلحظة‏.‏

ولو ارتفعت بعد الحول فالربح مضموم إلى الأصل في الحول الثاني كالنتاج‏.‏

الضرب الثاني الحاصل مع النضوض فينظر إن صار ناضا من غير جنس رأس المال فهو كما لو أبدل عرضا بعرض لأنه لم يقع به التقويم هذا هو المذهب وقيل هو على الخلاف الذي نذكره إن شاء الله تعالى فيما إذا نض من الجنس‏.‏

أما إذا صار ناضا من جنسه فتارة يكون ذلك في أثناء الحول وتارة بعده وعلى التقدير الأول قد يمسك الناض إلى أن يتم الحول وقد يشتري به سلعة‏.‏

الحال الأول أن يمسك الناض إلى تمام الحول فإن اشترى عرضا بمائتي درهم فباعه في أثناء الحول أصحهما وبه قال الأكثرون على قولين أظهرهما يزكي الأصل بحوله ويفرد الربح بحول والثاني يزكي الجميع بحول الأصل والطريق الثاني القطع بافراد الربح‏.‏

وإذا أفردناه ففي ابتداء حوله وجهان أصحهما من حين النضوض والثاني من حين الظهور‏.‏

الحال الثاني أن يشتري بها عرضا قبل تمام الحول فطريقان أصحهما أنه كما لو أمسك الناض والثاني القطع بأنه يزكي الجميع بحول الأصل‏.‏

الحال الثالث إذا نض بعد تمام الحول فإن ظهرت الزيادة قبل تمام الحول زكى الجميع بحول الأصل بلا خلاف وإن ظهرت بعد تمامه فوجهان‏.‏

أحدهما هكذا وأصحهما يستأنف للربح حولا وجميع ما ذكرناه فيما إذا اشترى العرض بنصاب من النقد أو بعرض قيمة نصاب‏.‏

فأما إذا اشترى بمائة درهم مثلا وباعه بعد ستة أشهر بمائتي درهم وبقيت عنده إلى تمام الحول من حين الشراء فان قلنا بالأصح إن النصاب لا يشترط إلا في الحول بني على القولين في أن الربح من الناض هل يضم إلى الأصل في الحول إن قلنا نعم فعليه زكاة المائتين وإن قلنا لا لم يزك مائة الربح إلا بعد ستة أشهر أخرى وإن قلنا النصاب يشترط في جميع الحول أو في طرفيه فابتداء الحول من حين باع ونض فإذا تم زكى المائتين‏.‏

ملك عشرين دينارا فاشترى بها عرضا للتجارة ثم باعه بعد ستة أشهر من ابتداء الحول بأربعين دينارا واشترى بها سلعة أخرى ثم باعها بعد تمام الحول بمائة فان قلنا الربح من الناض لا يفرد بحول فعليه زكاة جميع المائة وإلا فعليه زكاة خمسين دينارا لأنه اشترى السلعة الثانية بأربعين منها عشرون رأس ماله الذي مضى عليه ستة أشهر وعشرون ربح استفاده يوم باع الأول‏.‏

فاذا مضت ستة أشهر فقد تم الحول على نصف السلعة فيزكيه بزيادته وزيادته ثلاثون دينارا لأنه ربح على العشرينتين ستين وكان ذلك كامنا وقت تمام الحول‏.‏

ثم إذا مضت ستة أشهر أخرى فعليه زكاة العشرين الثانية فان حولها حينئذ تم ولا يضم إليها ربحها لأنه صار ناضا قبل تمام حولها فاذا مضت ستة أشهر أخرى فعليه زكاة ربحها وهو الثلاثون الباقية فان كانت الخمسون التي أخرج زكاتها في الحول الأول باقية عنده فعليه زكاتها أيضا للحول الثاني مع الثلاثين هذا الذي ذكرناه هو قول ابن الحداد تفريعا على أن الناض لا يفرد ربحه بحول وحكى الشيخ أبو علي وجهين آخرين ضعيفين‏.‏

أحدهما يخرج عند البيع الثاني زكاة عشرين وإذا مضت ستة أشهر أخرج زكاة عشرين أخرى وهي التي كانت ربحا في الحول الأول‏.‏

فإذا مضت ستة أشهر أخرج زكاة الستين الباقية لأنها إنمااستقرت عند البيع الثاني فمنه يبتدىء والوجه الثاني أنه عند البيع الثاني يخرج زكاة عشرين ثم إذا مضت ستة أشهر زكى الثمانين الباقية لأن الستين التي هي الربح حصلت في حول العشرين التي هي الربح الأول فضمت إليها في الحول‏.‏

ولو كانت المسألة بحالها لكنه لم يبع السلعة الثانية فيزكي عند تمام الحول الأول خمسين كما ذكرنا وعند تمام الثاني الخمسين الباقية لأن الربح الأخير لم يصر ناضا ولو اشترى بمائتين عرضا فباعه بعد ستة أشهر بثلاثمائة واشترى بها عرضا وباعه بعد تمام الحول بستمائة إن لم نفرد الربح بحول أخرج زكاة ست المائة وإلا فزكاة أربعمائة فاذا مضت ستة أشهر زكى مائة فاذج مضت ستة أشهر أخرى زكى المائة الباقية هذا على قول ابن الحداد وأما على الوجهين الآخرين فيزكي عند البيع الثاني مائتين ثم على الوجه الأول إذا مضت ستة أشهر زكى مائة ثم إذا مضت ستة أشهر أخرى زكى ثلاثمائة وعلى الوجه الثاني إذا مضت ستة أشهر من البيع الثاني زكى أربع المائة الباقية‏.‏

 فصل إذا كان مال التجارة حيوانا

فله حالان أحدهما أن يكون مما تجب الزكاة في عينه كنصاب والثاني أن لا تجب في عينه كالخيل والجواري والمعلوفة من النعم من الماشية فهل يكون نتاجها مال تجارة وجهان‏.‏

أصحهما يكون لأن الولد له حكم أمه والوجهان فيما إذا لم تنقص قيمة الأم بالولادة فإن نقصت بأن كانت قيمة الأم ألفا فصارت بالولادة ثمانمائة وقيمة الولد مائتان جبر نقص الأم بالولد وزكى الالف‏.‏

ولو صارت قيمة الأم تسعمائة جبرت المائة من قيمة الولد كذا قاله ابن سريج وغيره قال الإمام وفيه احتمال ظاهر ومقتضى قولنا إنه ليس مال تجارة أن لا تجبر به الأم كالمستفادات بسبب آخر‏.‏

وأثمار أشجار التجارة كأولاد حيوانها ففيها الوجهان فإن لم نجعل الأولاد والثمار مال تجارة فهل تجب فيها في السنة الثانية ففيها بعدها زكاة قال إمام الحرمين الظاهر أنا لا نوجب لأنه منفصل عن تبعية الأم وليس أصلا في التجارة وأما إذا ضممناها إلى الأصل وجعلناها مال تجارة ففي حولها طريقان‏.‏

أصحهما حولها حول الأصل كنتاج السائمة وكالزيادة المنفصلة والثاني على قولي ربح الناض فعلى أحدهما ابتداء حولها من انفصال الولد وظهور الثمار‏.‏

لا خلاف أن قدر زكاة التجارة ربع العشر كالنقد ومن أين فيه ثلاثة أقوال المشهور الجديد يخرج من القيمة ولا يجوز أن يخرج من عين العرض والثاني يجب الاخراج من العين ولا يجوز من القيمة والثالث يتخير بينهما فلو اشترى بمائتي درهم مائتي قفقز حنطة أو بمائة وقلنا يعتبر النصاب آخر الحول فقط وحال الحول وهي تساوي مائتي درهم فعلى المشهور عليه خمسة دراهم وعلى الثاني خمسة أقفزة وعلى الثالث يتخير بينهما فلو أخر إخراج الزكاة حتى نقصت قيمتها فعادت إلى مائة نظر إن كان ذلك قبل إمكان الأداء وقلنا الإمكان شرط للوجوب فلا زكاة‏.‏

وإن قلنا شرط للضمان لزمه على المشهور درهمان ونصف وعلى الثاني خمسة أقفزة وعلى الثالث يتخير بينهما وإن كان بعد الإمكان لزمه على المشهور خمسة دراهم لأن النقصان من ضمانه وعلى الثاني خمسة أقفزة ولا يضمن نقصان القيمة مع بقاء العين كالغاصب وعلى الثالث يتخير بينهما‏.‏

ولو أخر فبلغت القيمة أربعمائة درهم فإن كان قبل إمكان الأداء وقلنا هو شرط للوجوب لزمه على المشهور عشرة دراهم وعلى الثاني خمسة أقفزة وعلى الثالث يتخير بينهما وإن قلنا شرط الضمان لزمه على المشهور خمسة دراهم وعلى الثاني خمسة أقفزة قيمتها خمسة دراهم لأن هذه الزيادة في ماله ومال المساكين وقال ابن أبي هريرة يكفيه على هذا القول خمسة أقفزة قيمتها خمسة دراهم لأن هذه الزيادة حدثت بعد وجوب الزكاة وهي محسوبة في الحول الثاني وعلى الثالث يتخير بين الأمرين‏.‏

ولو أتلف الحنطة بعد وجوب الزكاة وقيمتها مائتا درهم فصارت أربعمائة لزمه على المشهور خمسة دراهم لأنها القيمة يوم الإتلاف وعلى الثاني خمسة أقفزة قيمتها عشرة دراهم وعلى الثالث يتخير بينهما‏.‏

فرع فيما يقوم به مال التجارة لرأس المال أحوال أحدها أن يكون نقدا نصابا بأن يشتري عرضا بمائتي درهم أو عشرين دينارا فيقوم في آخر الحول به فإن بلغ به نصابا زكاه وإلا فلا

وإن كان الثاني غالب نقد البلد ولو قوم به لبلغ نصابا حتى لو اشترى بمائتي درهم عرضا فباعه بعشرين دينارا وقصد التجارة مستمر فتم الحول والدنانير في يده ولا تبلغ قيمتها مائتي درهم فلا زكاة‏.‏

هذا هو المذهب المشهور وعن صاحب التقريب حكاية قول أن التقويم أبدا يكون بغالب نقد البلد ومنه يخرج الواجب سواء كان رأس المال نقدا أم غيره وحكى الروياني هذا عن ابن الحداد‏.‏

الحال الثاني أن يكون نقدا دون النصاب فوجهان أصحهما يقوم بذلك النقد والثاني بغالب نقد البلد كالعرض وموضع الوجهين ما إذا لم يملك من جنس النقد الذي اشترى به ما يتم به النصاب فإن ملك ما يتم به النصاب بأن اشترى بمائة درهم عرضا وهو يملك مائة أخرى فلا خلاف أن التقويم بجنس ما ملك به لأنه اشترى ببعض ما انعقد عليه الحول وابتدأ الحول من حين ملك الدراهم‏.‏

قلت‏:‏ لكن يجري فيه القول الذي حكاه صاحب التقريب والله أعلم‏.‏

الحال الثالث أن يملك بالنقدين جميعا وهو على ثلاثة أضرب أحدها أن يكون كل واحد نصابا فيقوم بهما على نسبة التقسيط يوم الملك وطريقه تقويم أحد النقدين بالآخر مثاله اشترى بمائتي درهم وعشرين دينارا فينظر إن كان قيمة المائتين عشرين دينارا فنصف العرض مشترى بدراهم ونصفه بدنانير‏.‏

وإن كانت قيمتها عشرة دنانير فثلثه مشرى بدراهم وثلثاه بدنانير وهكذا يقوم في آخر الحول ولا يضم أحدهما إلى الآخر فلا تجب الزكاة إذا لم يبلغ واحد منهما نصابا وإن كانت بحيث لو قوم الضرب الثاني أن يكون قل واحد منهما دون النصاب فإن قلنا ما دون النصاب كالعرض قوم الجميع بنقد البلد وإن قلنا كالنصاب قوم ما ملكه بالدراهم بدراهم وما ملكه بالدنانير بدنانير

الضرب الثالث أن يكون أحدهما نصابا والآخر دونه فيقوم ما ملكه بالنقد الذي هو نصاب بذلك النقد وما ملكه بالنقد الآخر على الوجهين وكل واحد من المبلغين يقوم في آخر حوله وحول المملوك بالنصاب من حين ملك ذلك النقد وحول المملوك بما دونه من حين ملك العرض‏.‏

وإذا اختلف جنس المقوم به فلا ضم كما سبق‏.‏

الحال الرابع أن يكون رأس المال غير نقد بأن ملك بعرض قنية أو ملك بخلع أو نكاح بقصد التجارة وقلنا يصير مال تجارة فيقوم في آخر الحول بغالب نقد البلد من الدراهم أو الدنانير فإن بلغ به نصابا زكاه وإلا فلا وإن كان يبلغ بغيره نصابا‏.‏

فلو جرى في البلد نقدان متساويان فإن بلغ بأحدهما نصابا دون الآخر قوم به وإن بلغ بهما فأوجه أصحها يتخير المالك فيقوم بما شاء منهما والثاني يراعي الأغبط للمساكين والثالث يتعين التقويم بالدراهم لأنها أرفق والرابع يقوم بالنقد الغالب في أقرب البلاد إليه‏.‏

الحال الخامس أن يملك بالنقد وغيره بأن اشترى بمائتي درهم وعرض قنية فما قابل الدراهم يقوم بها وما قابل العرض يقوم بنقد البلد فإن كان النقد دون النصاب عاد الوجهان كما يجري التقسيط عند اختلاف الجنس يجري عند اختلاف الصفة كما لو اشترى بنصاب من الدنانير بعضها صحيح وبعضها مكسر وبينهما تفاوت فيقوم ما يخص الصحيح بالصحاح وما يخص المكسر بالمكسر‏.‏

 فصل تصرف التاجر في مال التجارة بالبيع

بعد وجوب الزكاة وقبل الأداء قيل هو على الخلاف في بيع سائر الأموال بعد وجوب الزكاة فيها وقيل إن قلنا يؤدي الزكاة من عين العرض فهو على ذلك الخلاف وإن قلنا يؤدي من القيمة فهو كما لو وجبت شاة في خمس من الإبل فباعها‏.‏

وهذان الطريقان شاذان والمذهب الصحيح الذي قطع به الجمهور القطع بجواز البيع ثم سواء باع بقصد التجارة أو بقصد اقتناء العرض لأن تعلق الزكاة به لا يبطل وإن صار مال قنية فهو كما لو نوى الاقتناء من غير بيع‏.‏

فلو وهب مال التجارة أو أعتق عبدها فهو كبيع الماشية بعد وجوب الزكاة فيها لأن الهبة والاعتاق يبطلان متعلق زكاة التجارة كما أن البيع يبطل متعلق زكاة العين‏.‏

ولو باع مال التجارة محاباة فقدر المحاباة كالموهوب فإن لم نصحح الهبة بطل في ذلك القدر

 فصل فيما إذا كان مال التجارة تجب الزكاة في عينه

فإن كان تجارة وجبت فطرتهم مع زكاة التجارة ولو كان مال التجارة نصابا من السائمة لم تجمع فيه زكاة التجارة والعين وفيما تقدم منهما قولان أظهرهما وهو الجديد وأحد قولي القديم تقدم زكاة العين والثاني زكاة التجارة‏.‏

فإن قلنا بالأظهر أخرج السن الواجبة من السائمة وتضم السخال إلى الأمات وإن قدمنا زكاة التجارة قال في التهذيب تقوم مع درها ونسلها وصوفها وما اتخذ من لبنها وهذا تفريع على أن النتاج مال تجارة وقد سبق فيه الخلاف ولا عبرة بنقصان النصاب في أثناء الحول تفريعا على الأصح في وقت اعتبار نصاب التجارة‏.‏

ولو اشترى نصابا من السائمة للتجارة ثم اشترى بها عرضا بعد ستة أشهر مثلا فعلى القول الثاني لا ينقطع الحول وعلى الأول ينقطع ويبتدىء حول زكاة التجارة من يوم شراء العرض ثم القولان فيما إذا كمل نصاب الزكاتين واتفق الحولان‏.‏

وأما إذا لم يكمل نصاب أحدهما بأن كان أربعين من الغنم لا تبلغ قيمتها نصابا عند تمام الحول هكذا قطع به العراقيون والقفال والجمهور وقيل في وجوبها وجهان وإذا غلبنا زكاة العين في نصاب السائمة فنقصت في خلال السنة عن النصاب ونقلناها إلى زكاة التجارة فهل يبني حول التجارة على حول العين أم يستأنفه وجهان كالوجهين فيمن ملك نصاب سائمة لا للتجارة فاشترى به عرضا للتجارة هل يبنى حول التجارة على حول السائمة وإذا أوجبنا زكاة التجارة لنقصان الماشية المشتراة للتجارة عن النصاب ثم بلغت في اثناء الحول نصابا بالنتاج ولم تبلغ بالقيمة نصابا في آخر الحول فوجهان‏.‏

أحدهما لا زكاة لأن الحول انعقد للتجارة فلا يتغير والثاني ينتقل إلى زكاة العين فعلى هذا هل يعتبر الحول من تمام النصاب بالنتاج أم من وقت نقص القيمة عن النصاب وجهان‏.‏

قلت‏:‏ الأصح لا زكاة والله أعلم‏.‏

أما إذا كمل نصاب الزكاتين واختلف الحولان بأن اشترى بمتاع التجارة بعد ستة أشهر نصاب سائمة أو اشترى به معلوفة للتجارة ثم أسامها بعد ستة أشهر فطريقان أصحهما أنه على القولين في تقديم زكاة العين أو التجارة والثاني أن القولين مخصوصان بما إذا اتفق الحولان بأن يشتري بعروض القنية نصاب سائمة للتجارة فعلى هذا فيه طريقان أصحهما وبه قطع المعظم أن المتقدم يمنع المتأخر قولا واحدا فعليه زكاة التجارة في الصورة المذكورة أحدهما هذا والثاني أن المتقدم يرفع حكم المتأخر ويتجرد وإذا طردنا القولين فيما إذا تقدم حول التجارة فإن غلبنا زكاة التجارة فذاك وإن غلبنا العين فوجهان أحدهما تجب عند تمام حولها وما سبق من حول التجارة يبطل‏.‏

وأصحهما تجب زكاة التجارة عند تمام حولها لئلا يبطل بعض حولها ثم يستفتح حول زكاة العين من منقرض حولها وتجب زكاة العين في سائر الأحوال‏.‏

فرع لو اشترى نخيلا للتجارة فأثمرت أو أرضا مزروعة فأدرك الزرع وبلغ فإن لم يكمل أحد النصابين أو كملا ولم يتفق الحولان استمر التفصيل الذي سبق ثم هذا الذي ذكرناه فيما إذا كانت الثمرة حاصلة عند المشتري وبدا الصلاح في ملكه أما إذا أطلعت بعد الشراء فهذه ثمرة حدثت من شجر التجارة وفي ضمها إلى مال التجارة وجهان تقدما فإن ضممناها فهي كالحاصلة عند الشراء وتنزل منزلة زيادة متصلة أو أرباح متجددة في قيمة العرض ولا تنزل منزلة ربح بنض ليكون حولها على الخلاف السابق فيه‏.‏

فإن قلنا ليست مال تجارة فمقتضاه وجوب زكاة العين فيها بلا خلاف وتخصيص زكاة التجارة بالأرض والأشجار التفريع إن غلبنا زكاة العين أخرج العشر أو نصفه من الثمار والزرع وهل تسقط به زكاة الخجارة عن قيمة جذع النخل وتبن الزرع وجهان أصحهما لا يسقط وفي أرض النخل والزرع طريقان أحدهما على الوجهين في الجذع والتبن والثاني القطع بالوجوب لبعد الأرض عن التبعة‏.‏

قال إمام الحرمين وينبغي أن يعتبر ذلك بما يدخل في الأرض المتخللة بين النخيل في المساقاة وما لا يدخل فما لا يدخل تجب فيه زكاة التجارة قطعا وما يدخل فهو على الخلاف وإذا أوجبنا زكاة التجارة في هذه الأشياء فلم تبلغ قيمتها نصابا فهل يضم قيمة الثمرة والحب إليها ليكمل النصاب وجهان‏.‏

قلت‏:‏ أصحهما لا ضم وما ذكره الإمام جزم به الماوردي والله أعلم‏.‏

وعلى هذا القول لا يسقط اعتبار التجارة في المستقبل بل تجب زكاة التجارة في الأحوال المستقبلة ويكون ابتداء حول التجارة من وقت إخراج العشر لا من بدو الصلاح لأن عليه بعد بدو الصلاح تربية الثمار للمساكين فلا يجوز أن يكون زمان التربية محسوبا عليه فأما إذا غلبنا زكاة التجارة فتقوم الثمرة والجذع وفي الزرع الحب والتبن وتقوم الأرض أيضا فيهما وسواء اشتراها مزروعة للتجارة أو اشترى بذرا وأرضا للتجارة وزرعها به في جميع ما ولو اشترى الثمار وحدها وبدا الصلاح في يده جرى القولان في أنه يخرج العشر أم زكاة التجارة‏.‏

فرع لو اشترى أرضا للتجارة وزرعها ببذر للقنية وجب العشر في الزرع وزكاة التجارة في الأرض بلا خلاف فيهما‏.‏

 فصل في زكاة مال القراض

عامل القراض لا يملك حصته من الربح بالقسمة على الأظهر وعلى الثاني يملكها بالظهور فإذا دفع إلى غيره نقدا قرحضا وهما جميعا من أهل الزكاة فحال عليه الحول فإن قلنا العامل لا يملك الربح بالظهور وجب على المالك زكاة رأس المال والربح جميعا لأن الجميع ملكه كذا قاله الجمهور‏.‏

ورأى الإمام تخريج الوجوب في نصيب العامل على الخلاف في المغصوب والمحجور لتأكد حقه في حصته وحول الربح مبني على حول الأصل إلا إذا رد إلى النضوض ففيه الخلاف السابق‏.‏

ثم إن أخرج الزكاة من موضع آخر فذاك وإن أخرجها من هذا المال ففي حكم المخرج أوجه أصحها عند الأكثرين وهو المنصوص يحسب من الربح كالمؤن التي تلزم المال وكما أن فطرة عبيد التجارة وأرش جناياتهم من الربح والثاني من رأس المال والثالث أنه لطائفة من المال يستردها المالك لأنه مصروف إلى حق لزمه‏.‏

فعلى هذا يكون المخرج من الربح ورأس المال جميعا بالتقسيط مثاله رأس المال مائتان والربح مائة فثلثا المخرج من رأس المال وثلثه من الربح قال في التهذيب الوجهان مبنيان على تعلق الزكاة هل هو بالعين أو بالذمة إن قلنا بالعين فكالمؤن وإلا فهو استرداد وقيل إن قلنا بالعين فكالمؤن وإلا ففيه الوجهان واستبعد إمام الحرمين هذا البناء أما إذا قلنا يملك حصته بالظهور فعلى المالك زكاة رأس المال ونصيبه من الربح‏.‏

وهل على العامل زكاة نصيبه فيه طرق أحدها أنه على قولين كالمغصوب لأنه غير متمكن من كمال التصرف والثاني القطع بالوجوب لتمكنه من التوصل بالمقاسمة والثالث القطع بالمنع لعدم استقرار ملكه لاحتمال الخسران‏.‏

والمذهب الايجاب سواء أثبتنا الخلاف أم لا فعلى هذا فابتداء حول حصته من حين الظهور على الأصح المنصوص والثاني من حين تقوم المال على المالك لأخذ الزكاة والثالث من حين القسمة لأنه وقت الاستقرار والرابع حوله حول رأس المال‏.‏

ثم إذا تم حوله ونصيبه لا يبلغ نصابا لكن مجموع المال يبلغ نصابا فإن أثبتنا الخلطة في النقدين فعليه الزكاة وإلا فلا إلا أن يكون له من جنسه ما يتم به النصاب وهذا إذا لم نجعل ابتداء الحول من المقاسمة فإن جعلناه منها سقط النظر إلى الخلطة وإذا أوجبنا الزكاة على العامل لم يلزمه إخراجها قبل القسمة على المذهب فإذا اقتسما زكى ما مضى وحكي وجه أنه يلزمه الاخراج في الحال لتمكنه من القسمة‏.‏

ثم إن أخرج الزكاة من موضع آخر فذاك فإن أراد إخراجها من مال القراض فهل يستبد به أم للمالك منعه وجهان أصحهما يستبد قال الروياني وهو المنصوص‏.‏

والثاني لا يستبد وللمالك منعه أما إذا كان المالك من أهل وجوب الزكاة دون العامل وقلنا الجميع له ما لم يقسم فعليه زكاة الجميع‏.‏

وإن قلنا بالقول الآخر فعليه زكاة رأس المال ونصيب من الربح ولا يكمل نصيب المالك إذا لم يبلغ نصابا بنصيب العامل لأنه ليس من أهل الزكاة أما إذا كان العامل من أهل الزكاة دون المالك فإن قلنا الجميع للمالك قبل القسمة فلا زكاة وإن قلنا للعامل حصة من الربح ففي وجوب الزكاة عليه الخلاف السابق‏.‏

فإذا أوجبناه فذاك إذا بلغت حصته نصابا أو كان له ما يتم به النصاب ولا تثبت الخلطة ولا يجيء في اعتبار الحول هنا إلا الوجه الأول والثالث وليس له إخراج الزكاة من عين المال بلا خلاف لأن المالك لم يدخل في العقد على أن يخرج من المال زكاة هكذا ذكروه ولمانع أن يمنع ذلك لأنه عامل من عليه الزكاة‏.‏